بيت الدين
على بعد نحو 17 كلم إلى الجنوب من بيروت وعلى أقل من 3 كلم بُعي بك الطريق المحاذية لمجرى نهر الدامور مسافة 26 كلم لتصل إلى بلدة "بيت الدين" التي ترتفع نحو 850 متراً فوق سطح البحر. وقبيل وصولك إليها، تطالعك بلدة "دير القمر" التي تبعد عنها زهاء خمسة كيلومترات حيث يمكنك أن تتمتع بالصورة الأشمل والأفضل عن قصر "بيت الدين" ومحيطه0 وهو قصر أقامه الأمير بشير الثاني الشهابي الذي حكم جبل لبنان زهاء نصف قرن من الزمن0 ويشكل القصر الذي استمر العمل فيه ثلاثين سنة ونيّف نموذج العمارة اللبنانية في القرن التاسع عشر
رحلة عبر الزمن
...
شكلت المناطق اللبنانية منذ القرون الوسطى إقطاعات يحكمها عدد من الأمراء والمشايخ. وفي بدايات القرن السابع عشر، تمكن أحد هؤلاء، وهو الأمير فخر الدين الثاني المعني (1590- 1635)، من السيطرة على الأسر الإقطاعية الأخرى، فبسط سلطته على غالبية المناطق التي تشكل الأراضي اللبنانية المعاصرة، وكانت بلدة "بعقلين" عاصمته الأولى. ولما كانت هذه البلدة تشكو من قلة مواردها المائية/ فقد عمد الأمير إلى مغادرتها ونقل عاصمته إلى "دير القمر"
في نهاية القرن عينه، وبإنقراض سلالة بني معن، انتقلت السلطة إلى أنسبائهم من بني شهاب. وقام أحدهم، وهو الأمير بشير الثاني (1788 – 1840) بنقل عاصمة الإمارة من "دير القمر" إلى "بيت الدين" وهي محلة كانت تقوم فيها خلوة للدروز، ما تزال قائمة على مقربة من القصر الذي أقامه فيها. وبهدف تأمين حاجات قصره الجديد من المياه عمد الأمير بشير إلى السخرة، وفرض على أهل الجبل ثمانين ألف يوم عمل لجر مياه" نبع الصفا" إلى "بيت الدين". فكان على كل رجل أن يقدم يومي عمل مجّاني في السنة لتحقيق المشروع. وقد استغرق شق القناة سنتين من الزمن وانتهى العمل فيه في تموز 1814
بقي قصر "بيت الدين" مقراً للإمارة حتى سنة 1840، وهي السنة التي نفي فيها بشير الثاني إلى مالطة فاستنبول حيث توفي سنة 1850. وعلى أثر إلغاء نظام الإمارة سنة 1742، تحوّل القصر إلى مقر لولادة العثمانيين، ومن بعدهم لمتصرّفي جبل لبنان، بين عامي 1860و1915، ومن ثم للسلطات الفرنسية المنتدبة على لبنان غداة الحرب العالمية الأولى
زيارة القصر – الدار البرانية
يتم الدخول إلى حرم القصر من بوابة عظيمة تفضي عبر رواق معقود إلى الميدان وهو ساحة عظيمة مستطيلة يبلغ طولها 107 أمتار وعرضها 45 متراً، كانت تستعمل في الأصل لتمارين الخيّالة ومبارزاتهم كما للاحتفالات التي كان يحضرها العامة والزوار وأفراد الحاشية. زمنها كان الأمير ينطلق بجيشه إلى الحرب أو بحاشيته إلى الصيد. ومنذ بضع سنوات جرى تحويل الغرف التي تشكل جناح المدخل إلى متحف يضم صوراً ومخطوطات ووثائق ذات علاقة بتاريخ الزعيم الدرزي والنائب والوزير السابق كمال جنبلاط، وقد دشن هذا المتحف في أيار سنة 1991
وعلى طول الميدان الشمالي يقوم جناح من طبقتين، يعرف ب"المضافة". ويتألف طابقه الأرضي من غرف معقودة كانت تستعمل كإسطبلات، فيما يتألف طابقه العلوي من قاعات وغرف كانت في الأصل معدة لاستقبال ضيوف القصر. وتطل هذه الغرف على الميدان من خلال رواق مسقوف. وكانت أصول الضيافة في تلك الأيام تقضي بأن يستقبل القصر جميع زواره لمدة ثلاثة أيام دونما حاجة إلى التعريف عن أنفسهم. وقد حرى ترميم هذا الطابق الذي يُصعد إليه بدرج عام 1945 بالاستناد إلى وثائق وصور قديمة. وحتى عشية الحرب اللبنانية، كان يضم متحفاً هاماً يحتوي متاعاً وألبسة وأسلحة تمثل بعض أوجه الحياة اللبنانية في عصر الإقطاع، ثم أضيفت إلى هذا المتحف مجموعات من القطع الأثرية وأطلق عليه اسم "متحف رشيد كرامي". ويضم المتحف اليوم مجموعات من الفخاريات التي تعود إلى عصري البرونز والحديد وأخرى من الزجاجيات الرومانية بالإضافة إلى مجموعات من الحلى الذهبية والنواويس الرصاصية الرومانية والفخاريات المزججة الإسلامية، فيما تضم قاعاته الأخرى أشياء ذات قيمة إثنوغرافية، ومنها ثياب من عصر الإمارة ومجموعة كبيرة من الأسلحة القديمة والحديثة, وقد عرض في القاعة الأولى منه مجسّم كبير يسمح لزائر القصر بتكوين فكرة شاملة عن حجمه وتقسيماته ومقاييسه
على بعد نحو 17 كلم إلى الجنوب من بيروت وعلى أقل من 3 كلم بُعي بك الطريق المحاذية لمجرى نهر الدامور مسافة 26 كلم لتصل إلى بلدة "بيت الدين" التي ترتفع نحو 850 متراً فوق سطح البحر. وقبيل وصولك إليها، تطالعك بلدة "دير القمر" التي تبعد عنها زهاء خمسة كيلومترات حيث يمكنك أن تتمتع بالصورة الأشمل والأفضل عن قصر "بيت الدين" ومحيطه0 وهو قصر أقامه الأمير بشير الثاني الشهابي الذي حكم جبل لبنان زهاء نصف قرن من الزمن0 ويشكل القصر الذي استمر العمل فيه ثلاثين سنة ونيّف نموذج العمارة اللبنانية في القرن التاسع عشر
رحلة عبر الزمن
...
شكلت المناطق اللبنانية منذ القرون الوسطى إقطاعات يحكمها عدد من الأمراء والمشايخ. وفي بدايات القرن السابع عشر، تمكن أحد هؤلاء، وهو الأمير فخر الدين الثاني المعني (1590- 1635)، من السيطرة على الأسر الإقطاعية الأخرى، فبسط سلطته على غالبية المناطق التي تشكل الأراضي اللبنانية المعاصرة، وكانت بلدة "بعقلين" عاصمته الأولى. ولما كانت هذه البلدة تشكو من قلة مواردها المائية/ فقد عمد الأمير إلى مغادرتها ونقل عاصمته إلى "دير القمر"
في نهاية القرن عينه، وبإنقراض سلالة بني معن، انتقلت السلطة إلى أنسبائهم من بني شهاب. وقام أحدهم، وهو الأمير بشير الثاني (1788 – 1840) بنقل عاصمة الإمارة من "دير القمر" إلى "بيت الدين" وهي محلة كانت تقوم فيها خلوة للدروز، ما تزال قائمة على مقربة من القصر الذي أقامه فيها. وبهدف تأمين حاجات قصره الجديد من المياه عمد الأمير بشير إلى السخرة، وفرض على أهل الجبل ثمانين ألف يوم عمل لجر مياه" نبع الصفا" إلى "بيت الدين". فكان على كل رجل أن يقدم يومي عمل مجّاني في السنة لتحقيق المشروع. وقد استغرق شق القناة سنتين من الزمن وانتهى العمل فيه في تموز 1814
بقي قصر "بيت الدين" مقراً للإمارة حتى سنة 1840، وهي السنة التي نفي فيها بشير الثاني إلى مالطة فاستنبول حيث توفي سنة 1850. وعلى أثر إلغاء نظام الإمارة سنة 1742، تحوّل القصر إلى مقر لولادة العثمانيين، ومن بعدهم لمتصرّفي جبل لبنان، بين عامي 1860و1915، ومن ثم للسلطات الفرنسية المنتدبة على لبنان غداة الحرب العالمية الأولى
زيارة القصر – الدار البرانية
يتم الدخول إلى حرم القصر من بوابة عظيمة تفضي عبر رواق معقود إلى الميدان وهو ساحة عظيمة مستطيلة يبلغ طولها 107 أمتار وعرضها 45 متراً، كانت تستعمل في الأصل لتمارين الخيّالة ومبارزاتهم كما للاحتفالات التي كان يحضرها العامة والزوار وأفراد الحاشية. زمنها كان الأمير ينطلق بجيشه إلى الحرب أو بحاشيته إلى الصيد. ومنذ بضع سنوات جرى تحويل الغرف التي تشكل جناح المدخل إلى متحف يضم صوراً ومخطوطات ووثائق ذات علاقة بتاريخ الزعيم الدرزي والنائب والوزير السابق كمال جنبلاط، وقد دشن هذا المتحف في أيار سنة 1991
وعلى طول الميدان الشمالي يقوم جناح من طبقتين، يعرف ب"المضافة". ويتألف طابقه الأرضي من غرف معقودة كانت تستعمل كإسطبلات، فيما يتألف طابقه العلوي من قاعات وغرف كانت في الأصل معدة لاستقبال ضيوف القصر. وتطل هذه الغرف على الميدان من خلال رواق مسقوف. وكانت أصول الضيافة في تلك الأيام تقضي بأن يستقبل القصر جميع زواره لمدة ثلاثة أيام دونما حاجة إلى التعريف عن أنفسهم. وقد حرى ترميم هذا الطابق الذي يُصعد إليه بدرج عام 1945 بالاستناد إلى وثائق وصور قديمة. وحتى عشية الحرب اللبنانية، كان يضم متحفاً هاماً يحتوي متاعاً وألبسة وأسلحة تمثل بعض أوجه الحياة اللبنانية في عصر الإقطاع، ثم أضيفت إلى هذا المتحف مجموعات من القطع الأثرية وأطلق عليه اسم "متحف رشيد كرامي". ويضم المتحف اليوم مجموعات من الفخاريات التي تعود إلى عصري البرونز والحديد وأخرى من الزجاجيات الرومانية بالإضافة إلى مجموعات من الحلى الذهبية والنواويس الرصاصية الرومانية والفخاريات المزججة الإسلامية، فيما تضم قاعاته الأخرى أشياء ذات قيمة إثنوغرافية، ومنها ثياب من عصر الإمارة ومجموعة كبيرة من الأسلحة القديمة والحديثة, وقد عرض في القاعة الأولى منه مجسّم كبير يسمح لزائر القصر بتكوين فكرة شاملة عن حجمه وتقسيماته ومقاييسه